بسم الله الرحمن الرحيم
عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
" قال الله تعالى: يؤذيني ابن آدم؛ يسب الدهر، وأنا الدهر؛ أقلب الليل والنهار "، وفي رواية لمسلم: " لا تسبوا الدهر؛ فإني أنا الدهر "، وفي رواية لأحمد ومسلم: "لا يقل ابن آدم: يا خيبةَ الدهر! فإني أنا الدهر؛ أرسل الليل والنهار، فإن شئتُ قبضتُهما ".
قال ابن القيم:
(( وفي هذا ثلاث مفاسد عظيمة:
إحداها: سبه من ليس أهلاً للسب؛ فإن الدهر خلْق مسخر من خلق الله، مُنقاد لأمره، متذلل لتسخيره، فسابُّه أولى بالذم والسب منه.
والثانية: أن سبه متضمن للشرك؛ فإنه إنما سبَّه لظنه أنه يضر وينفع، وأنه مع ذلك ظالم قد ضر من لا يستحق الضرر، ورفع من لا يستحق الرفعة، وحرم مَن لا يستحق الحرمان، وهو عند شاتميه من أظلم الظلمة!
وأشعار هؤلاء الظلمة الخونة في سبه كثيرة جدًّا! وكثير من الجهال يصرح بلعنه وتقبيحه!
والثالثة: أن السب منهم إنما يقع على من فعل هذه الأفعال التي لو اتبع الحق فيها أهواءهم؛ لفسدت السماوات والأرض، وإذا وافقت أهواءهم حمدوا الدهر وأثنوا عليه.
وفي حقيقة الأمر: فرب الدهر هو المعطي المانع، الخافض الرافع، المعز المذل، والدهر ليس له من الأمر شيء، فمسبتهم الدهر مسبة لله -عز وجل-؛ ولهذا كانت مؤذية للرب -تعالى-.
فسابُّ الدهر دائر بين أمرين لا بد له من أحدهما:
إما مسبة الله، أو الشرك به.
فإنه إن اعتقد أن الدهر فاعل مع الله؛ فهو مشرك.
وإن اعتقد أن الله وحده هو الذي فعل ذلك، وهو يسب من فعله؛ فهو يسب الله -تعالى-. )) انتهى كلام ابن القيم -رحمه الله-.
[نقلاً من: " دروس من القرآن الكريم والسنة المطهرة " للشيخ صالح الفوزان -حفظه الله-، (ص179، 181-182)].
منقول للفايده